أضف النص الخاص بالعنوان هنا

ليلة رمضانية استثنائية في ضيافة دار الشعر بتطوان

ليلة رمضانية استثنائية في ضيافة دار الشعر بتطوان

أحيت دار الشعر في تطوان الليلة الأولى من ليالي رمضان، بداية الأسبوع الجاري، احتفاء باليوم العالمي للشعر، في حفل شعري كبير احتضنته مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بالمدينة. وأكد مدير دار الشعر مخلص الصغير في افتتاح هذه التظاهرة أن الاحتفال باليوم العالمي للشعر مبادرة مغربية، تعود إلى نهاية التسعينيات، حين رفع المجاهد الراحل والوزير الأول يومها عبد الرحمن اليوسفي رسالة إلى منظمة اليونسكو، بطلب من بيت الشعر في المغرب، من أجل اعتماد 21 مارس يوميا عالميا للشعر. وقبل ذلك كان الشاعر المغربي الراحل أحمد الطريق أحمد قد وجه نداء إلى العالم من أجل اعتماد يوم عالمي للشعر، مثلما كانت هنالك مبادرة من الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش والشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان من أجل إقرار هذا اليوم العالمي.
وانطلق الحفل بتلاوة رسالة المديرة العامة لليونسكو، بمناسبة اليوم العالمي للشعر، والتي ألقاها الناقد المغربي محمد ابن عياد. وبحسب الرسالة، فـ”لئن كان الشعر فنا حيا ينبض بالحياة، فقد كان الوسيلة المفضلة التي اتخذتها المجتمعات على مر القرون وباختلاف القارات لأغراض تدوين تاريخها والحفاظ على ذاكرة ثقافتها من أجل نقل وتسجيل معارف الأسلاف”. وخلصت الرسالة إلى أن “اليوم العالمي للشعر فرصة لنا جميعا تمكننا من التغلغل في القلب النابض بالحياة لذواتنا وللعالم نفسه، على حد تعبير الشاعر والسياسي المارتينيكي العظيم إيميه سيزير، في إطار سيرورة سلام داخلية وكونية على حد سواء”.

وألقى الباحث والمسرحي المغربي مصطفى استيتو كلمة الشاعر الإيطالي جوسيبي كونطي، والذي افتتحها بتساؤل عريض حول ما يمكن للشعراء أن يفعلوه “في عالمٍ يبدُو سائرًا نحو الكارثة، في حين تتواصل حربٌ داميّة في قلب أوروبا، وبينما يتم افتراض استخدام قنابل ذرية في ظلّ هذيان التهديدات القيّامية؛ وفي قطاع غزة يستمِرُّ ارتكابُ مجازر وجرائم ضدّ الإنسانية كتلك التي نشهدها كل يوم، والتي تزدادُ وحشية وتدميرًا؟”. جوابا على ذلك، يرى الشاعر الإيطالي أنه “لا ينبغي للشّعراء أن يستسلموا ويرضخُوا أو يعتقدوا أنه لا فائدة من رفْع أصواتهم وأناشيدهم في وجه المُعاناة والفظائع: على العكس، عليهم الغناء بصوتٍ أعلى، والانتصار للكرامة والجمال، والرحمة والسلام، والتأكيد على أنّ الشّر والعنف يترسّخان في المجتمع كلما تمّ تهميش الثقافة الإنسانية والشعر، وكلما تُرك المجال مفتوحا للاقتصاد وللتقنية وبالتالي للأسلحة للسيطرة المطلقة”.
أما الشاعرة والزجالة خديجة الإدريسي فألقت قصيدة للشاعر اليمني رعد أمان، كتبها بمناسبة اليوم العالمي للشعر، واستحضر فيها دار الشعر بتطوان، وهو يردد:

غرِّدي يا حروفُ ملءَ الفضاءِ/ واصعدي في السماء بعد السماءِ. أطربينا بأغنياتٍ نشاوى/

غنَّجتها مواكبُ الشعراءِ. في دروب الجَمال شارقةُ الإبداعِ/ تسمو وثّابةً في ارتقاءِ. يا لتطوانَ تسكبُ السِّحرَ شعراً/ يُغرقُ الروحَ في مَفاضِ انتشاءِ. وشدَتْ بعدما هفونا اشتياقاً/ لهديل الحمامة البيضاءِ”.

الشاعر عبد اللطيف شهبون استهل القراءات الشعرية بقصيدة “هي ذي غزة” عنوانا ولازمة لتضامن شعري مع القضية في راهنيتها: “هي ذي غزة/ تتصدر محنتنا -نحن عشاقها-/ كل يوم/ وتلازم كلمتنا لتقول: كل هذا التراب قلوب/ كل هذا الحصى أعين شاهدة… هي ذي غزة/ تنام على كيس رمل ندي/ ولا تستفيق سوى ميتة حية/ تفتدي كل قلب حبيب/ تهتدي بمقول كريم/ هذا نصر من الله.. فتح قريب. هي ذي غزة/ بنزيف الجراح تقول: يا مريد: سنبقى معا/ لنكون ما نريد”.

ومن ديوانها الجديد “عشق سبحه” أنشدت الشاعرة لطيفة الوزاني الطيبي: “إليك يا من هويت/ يممت كلي: سبحت.. حمدلت.. هيللت.. كبرت.. فاسترحت. بك يا من هويت/ فنيت طهرا فاستقويت”. بينما ختمت الشاعرة أحوالها ومكاشفاتها وهي تردد: “حتى إذا ما تدانى الميقات في جمع شملي/ صارت جبالي دكا/ من هيبة المتجلي”.

أما الشاعر عثمان الهيشو، والذي توج قبل سنوات بجائزة الديوان الأول للشعراء الشباب، التي تمنحها دار الشعر في تطوان، فأعلن عن نبوغه الشعري المبكر: دخلت مماليك الخليل مجربا/ فمن أي أبواب القصيدة أخرج. وسرت على هدي المسيح وأحمد/ فحيث وجدت الحب لا أتحرج. أذوب من التحنان إن مر سانح/ وحين أرى أطلال مية أنشج. ترجلت قلبي حين ضلت جراحه/ فقلبي من دون المواجع أعرج. وتهت… فلا قلبي دليل ولا دمي/ فكيف بغير الحزن لله أعرج”.

وأحيت مجموعة “الصحبة الفالحة” برئاسة الأستاذة أمينة الإدريسي الليلة الأولى من ليالي رمضان، وهي تقدم مجموعة من المدائح والأذكار والمواويل والأشعار المغربية والأندلسية، والتي تمثل السجل الشعري الغنائي لمدينة تطوان، منذ القرون الغابرة. وهي الأعمال الفنية الخالدة التي تفاعل معها الحضور الذي توافد على فضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية للاحتفال باليوم العالمي للشعر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

فيديو