أضف النص الخاص بالعنوان هنا

ثلاثة أسئلة للكاتب والجامعي د.عبد المجيد شكير

ثلاثة أسئلة للكاتب والجامعي د.عبد المجيد شكير

في علاقة الفن الرابع بالتربية الجمالية هناك روابط وصلات متجددة لغايات تعليمية ومعرفية وجمالية.
في هذا الحوار مع الكاتب والجامعي والمخرج المسرحي عبد المجيد شكير، هناك معطيات ضافية وعملية بشأن كيفية استثمار التربية الجمالية من أجل المساهمة في تنمية شخصية كل من الأطفال والشباب وحتى الكبار من داخل مؤسسات التعليم والأندية والمحترفات ودور الثقافة والفن.

1 / ما المقصود تحديدا بالتربية الجمالية في المسرح في تصورك ؟

ج / المقصود بالتربية الجمالية هو ما تدل عليه التسمية أساسا، من حيث كونها جمع بين التربية والجمال، وما يندرج ضمنه من ذوق وإحساس بقيمة الجميل والرائع والسامي.. لقد ألفنا أن التربية هي تربية على الأخلاق والسلوك ثم التربية على العلم والمعرفة، بيد أن التربية على الجمال هي أيضا فرع حيوي ومهم من فروع التربية.
لقد دأبنا على الاهتمام بمقولة “العقل السليم في الجسم السليم”، لكن المسافة بينهما (العقل والبدن) تتم عبر روح سليمة بدورها، وهي الروح التي يجب أن تتربى على الإحساس والجمال والذوق. ومن هنا تحديدا تأتي أهمية التربية الجمالية، وأسسها ومبادئها.. فكما أن الدماغ/ العقل محتاج للمعرفة والجسم/ البدن للتغذية الصحية، فإن الروح، بدورها، محتاجة إلى قيم جمالية سامية وذوق رفيع وإحساس بهي حتى يحدث التناغم والتناسق لدى الإنسان، بين بدنه وعقله وروحه.

والتربية الجمالية ليست حكرا على المؤسسة التعليمية فقط، فالمفروض أنها تبدأ من الأسرة من خلال تربية الطفل على القراءة الجيدة والاستماع للموسيقى الراقية ومشاهدة الأفلام العميقة وامتلاك اللغة الرفيعة.. فكل هذا يوطِّئ ويؤسس القاعدة الأولى لما يمكن أن تمنحه المؤسسة التعليمية لاحقا عبر مختلف الأنشطة الفنية والثقافية والتربوية (التي لم تعد موازية، بل تتحول إلى رافد تربوي أساسي) التي من شأنها ترسيخ أسس ومبادئ التربية الجمالية، استكمالا لما قدّمته الأسرة. ويفترض أن لهذه التربية امتدادات أسمى، بحيث تصل إلى مستويات أعلى في الجامعة، بل تتعدّاها إلى فضاءات أخرى غير الفضاءات التعليمية، مثل: دور الشباب، المركبات الثقافية، المؤسسات الإعلامية… يتعلق الأمر بكل العوامل والمحافل التي من شأنها أن تساهم في التربية الجمالية، والتي يوحدها رِهان واحد يتمثل في التأسيس لهذا الحس الجمالي المشترك الذي يحتاجه الطفل واليافع والشباب والكبير.

2 / هل هناك خصوصية للتربية الجمالية في المسرح قياسا مع تعبيرات أخرى كالسينما والتشكيل وغيرها ؟

ج / عندما نتحدث عن خصوصية التربية الجمالية في المسرح، فإن هذا الأخير لا يمكن فصلة عن باقي الفنون الأخرى، وهو ما تقوم به الأندية التربوية ذات البعد الفني والثقافي (النادي السينمائي، المحترف المسرحي، نوادي الرسم والتشكيل والموسيقى، محترفات الكتابة الأدبية) ّ، وهي كلها نوادي تربوية لها منحى ثقافي وفني يمكن أن يؤدي دورا كبيرا في إتمام ما لا يمكن أن نمد به التلميذ داخل الفصل الدراسي.
فكما يعلم الجميع، نظام التعليم يرتبط بزمن مدرسي فيه مجموعة من الدروس والمحاور يجب أن يتممها الأستاذ كي يمتحن فيها التلميذ، لذلك فإن النادي والمحترف يمكن أن يضطلع بدور هام بشأن تكريس التربية الجمالية، لأن ذلك يساهم في تنمية لغة التواصل بشكل جيد ويمنح الثقة في النفس بالنسبة للتلميذ، بل يرتقي به نحو الترفع عن الممارسات المشينة من انحرافات وانزلاقات سلوكية.
التربية الجمالية عبر المسرح لا تتم من داخل المؤسسات التعليمية فقط، فهي يمكن أن تكون من داخل المركبات والفضاءات الثقافية ودور الشباب، لكن للأسف نجد تراجعا على مستوى الدور التربوي والثقافي والفني الذي كانت تضطلع به هذه المؤسسات سابقا.. أقصد هنا الدور التكويني للورشات والمحترفات خاصة في فترات كانت هذه الممارسات عصامية في غياب معاهد، وهو ما أفرز جيلا ببصمة خاصة. لذلك أعتقد أنه يتعين عودة هذا الدور للمركبات الثقافية، وذلك من خلال ورشات بتصور رصين وبيداغوجيا واضحة.

3 / صدر لك مؤخرا كتاب جديد يتحدث عن التربية الجمالية من خلال الأندية التربوية المدرسية.. من أي زاوية يمكن تحديد القيمة المضافة لهذا الكتاب؟

ج / الكتاب الأخير، الذي يحمل عنوان “نحو تربية جمالية عبر الأندية التربوية: المسرح بوصفه اشتغالا بيداغوجيا”، يندرج ضمن النسق العام الذي اشتغل عليه والمرتبط بالجماليات المسرحية.
فإذا كانت الفترة السابقة ركزت فيها على الخطاب المسرحي وجمالياته الإنتاجية وكذا البعد الجمالي في تلقيه، فإن الاشتغال الحالي يتعلق بكيف يصبح المسرح، من الناحية البيداغوجية التربوية، اشتغالا يؤدي وظيفة التربية الجمالية. وبناء عليه، جاء الكتاب كي يستشكل هذا الموضوع: علاقة الفن عموما، المسرح على الخصوص، بالتربية. وانتهينا إلى ما هو متداول ومرسخ، وهو ضرورة الفن والمسرح في التربية، بل في الحياة بشكل عام. وأنه لا يمكن تجاوز الدور الذي تقوم به الفنون عموما والمسرح خصوصا في العملية التعليمية التعلمية، بل لا يمكن بأي حال من الأحوال ألا نقف عند هذا الأثر، حيث لا تصبح الفنون وضمنها المسرح مجرد ترف معرفي أو تعليمي، بل ضرورة بيداغوجية لها الكثير من المنافع والمردودية الإيجابية لدى التلميذ.
بعد هذا الاستشكال النظري، الذي لم يخل من مرجعية فلسفية، خاصة فلسفة التربية وجماليات الفنون، تم طرح تصوري للاشتغال البيداغوجي لترسيخ أسس التربية الجمالية، القائم على مستويين اثنين؛ حيث يتعلق المستوى الأول بالحديث عن أهمية الأندية التربوية، وفيه وقفت عند المسرح نموذجا في هذا السياق من خلال عنصرين اثنين: مسرحة المناهج وهو ما يفيد في المرحلة الابتدائية، إذ يمكن تمهير الأساتذة على تقديم دورس من منظور فني مسرحي بشكل يساهم في تأدية وظيفة مزدوجة: معرفية من خلال إيصال المعلومة، وفنية من خلال متعة استعمال المسرح وسيلةً للتدريس.
أما المستوى الثاني فيتعلق بالمحترف المسرحي الذي يمكن تلمس أثره في المرحلتين الإعدادية والتأهيلية..المحترف هنا عنصر مهم داخل المنظومة، إذ يمكن اللجوء إليه باستثمار المسرح للغاية تربوية وتعليمية. لكن يحتاج إلى تنظيم بيداغوجي ليلعب هذا الدور التربوي، من خلال تحديد أهدافه أولا، ثم من خلال وضع تصور إجرائي لتفعيله حتى لا يكون مجرد ممارسة غير منظمة، يشتغل بين الحين والآخر، أو يحضر في المناسبات فقط. وقد وضعت حوالي ست خطوات إجرائية لتفعيل المحترف المسرحي في الحياة المدرسية: القراءة ـ التطبيق ـ المشاهدة ـ الزيارة ـ البحث ـ والإنجاز. ويمكن العودة إليها تفصيليا في الكتاب، حيث لا يمكن الاستفاضة في تفاصيلها في هذا المقام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

فيديو