كشفت ندوة نضمتها ” مبادرة إحياء الدارالبيضاء” أمس الاثنين بمركز التعريف بثرات المدينة القديمة، بمناسبة إحياء ذكرى قصف واحتلال الدارالبيضاء في 7 غشت 1907، عن استعمال الجيش الفرنسي لمواد حارقة وسامة في قصفه للمدينة وتقتيله للمواطنات والمواطنين البيضاويين ومقاومي قبائل الشاوية.
وقال حميد شيتاشني، كاتب وباحث في انثربولوجية الحضرية أن المستعمر الفرنسي أثناء قصفه لمدينة الدارالبيضاء في سابع غشت 1907 من أجل احتلالها استعمل مادة ” الميلينيث” وهي مادة حارقة وسامة.
وأكد شيتاشني على أن المستعمر الفرنسي دخل الى مدينة الدارالبيضاء من باب المرسى، وارتكب مجزره ومذبحته، وأضاف ان إحياء الذكرى اليوم للتذكير بأن المستعمرين الفرنسيين “قتلوا أجدادنا ودمروا مدينتنا واحتلوها كما احتلوا منطقة الشاوية”.
وذكر الشيتاشني في محاضرته بمال قاله “جان جوريس” في البرلمان الفرنسي، بأن ما ارتكبه الحيش الفرنسي في حق مواطنات ومواطني الدارالبيضاء هي بمثابة جرائم حرب.
وقال انه من العار أن لا تحيي مدينة بحجم الدارالبيضاء هذه الذكرى كل سنة، ذكرى قصف واحتلالها سنة 1907، لأن هذا الحدث كانت له متغيرات في المدينة، متغيرات على المستوى الاقتصادي والثقافي والسوسيولوجي وحتى السيكولوجي ليس فقط بالنسبة للدارالبيضاء، بل المغرب برمته.
وأوضح نورالدين فردي، أستاذ جامعي، مهتم بالتاريخ، السياق التاريخي لحدث المؤلم للاحتفال وقصف مدينة الدارالبيضاء في 7 غشت 1907 والذي انطلق بحسبه من تنظيم مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906، والذي قال عنه أن فرنسا خرجت منه منتصرة وحسمت فيه صراعها مع الدول المستعمرة خاصة مع ألمانيا من أجل احتلال المغرب، حيث عقدت بشأن ذلك اتفاقات مع كل من إيطاليا وإسبانيا وانكلترا.
وقال فردي إن فرنسا وضعت ضمن خططها في احتلال المغرب، احتلال منطقة الدارالبيضاء والطاولة لأنها منطقة استراتيجية، ولهذا دمرت المدينة وقصفتها وخلفت عدد من القتلى، داخل اسواء المدينة القديمة والسور الجديد.
وكشف فردي على أن المستعمر الفرنسي واجه مقاومة شديدة وحدثت اشتباكات عنيفة وقوية حول أسوار المدينة، بعد نزول المجاهدين من قبائل الشاوية لمواجهة ومقاومة الجيش الفرنسي المستعمر، كما جاءت قبائل أخرى من دلالة وزير للجهاد ضد المحتل، ولم يكن في حسبان المستعمر الفرنسي، أن تحدث مقاومة عنيفة وقوية وأن تستمر مدة لم يتوقعها، يضيف فردي.
واستعرض عبد الله نكيب، باحث وموثق لتاريخ مدينة الدارالبيضاء، سياق بناء السور الجديد بالمدينة القديمة للدارالبيضاء من طرف السلطان الحسن الاول، وذكر أن بناته كان الهدف منه هو نقل تجار المدينة القديمة إلى منطقة السور الجديد من أجل توسيع منطقة المدينة القديمة للساكنة، وقال إن هاته الساكنة التي انتقلت الى السور الجديد تعرضت للقبيلة والتشغيل من طرف المستعمر الفرنسي، وكشف عن وجود باب في المدينة القديمة يسمى ب ” باب العافية”، ارتباطا بحادث قصف المدينة في سابع غشت 1907، حيث تروي الرواية التاريخية أن سكان السور الجديد الذين تعرضو للقصف بمادة ” الميلينيث” من طرف الجيش الفرنسي، كانوا يركضون والنار مشتعلة في اجسامهم، لهذا سمي المكان، ب” باب العافية”.
وكشف نكيب عن المكان الذي يوجد فيه الباب الرئيسي لسور الجديد، وقال لقد بني مسجد يوجد تحته الباب الرئيسي للسور الجديد، وتسائل لماذا، واجاب لانه مكتوب عليه بالتاريخ الهجري أنه بني سنة 1304 وهذا الباب يدبني في عهد السلطان مولاي الحسن الاول، والهدف هو طمس ذاكرة مدينة الدارالبيضاء.
وفي ذات السياق، سياق الحفظ على ذاكرة مدينة الدارالبيضاء، حية ومتحددة، تحدث نبيل توفيق، صحفي، ومن مؤسسي ” مبادرة إحياء الدارالبيضاء” عن أهمية استعادة تاريخ وذاكرة مدينة الدارالبيضاء.
وقال انه مع طرد وجلاء الاستعمار الفرنسي، لم تنتهي الحرب، ولن تنتهي الا باستعادة ذاكرة مدينة الدارالبيضاء، وعلى بناتها وأبنائها أن يعرفوا تاريخها ومكانتها في تاريخ المغرب.
وأضاف توفيق اننا نحن كجيل نشعر ننا ترعرعنا في مدينتنا مع نوع من مركب نقص بالمقارنة مع المدن الأخرى.
وأوضح انه من الناحية التاريخية القول بأن المدينة قديمة، يبدو الأمر عادي، كما عزى هذا مركب النقص، الذي تحدث عنه إلى الجهل بذاكرة المدينة، وقال أنه يعود بنسبة تسعين في المئة إلى الجهل بتاريخ المدينة.
وأضاف توفيق انه بعد البحث التاريخية نجد انه هناك مدينة اسمها انفا، وفي إطار مخطط تغييب الذاكرة، سمي حي بالدارالبيضاء، باسم حي انفا، والجميع اليوم يربط اسم انفا بالحي الراقي وبالفيلات، في حين انفا هو اسم المدينة.
يذكر أن “مبادرة إحياء الدارالبيضاء”
التي تهدف إلى الحفاظ على التراث التاريخي لمدينة الدار البيضاء ومنطقتها اعلنت عن تنظيم حدث تذكاري في السابع من غشت، 2023 لإحياء الذكرى السنوية لقصف واحتلال الدار البيضاء، سنة 1907، يوم أمس الاثنين.
انطلق الحدث التذكاري من باب المرسى التاريخي، بوابة المدينة العتيقة، التي تم من خلالها انزال قوات الاحتلال الفرنسية والإسبانية.
وقام المشاركون بالتجوال في أحياء المدينة القديمة،
الجولة انطلقت من باب المرسى مع زيارة للمدرسة العبدلاوية، وعرصة الزرقطوني، حيث تم التوقف بالمناسبة على أرواح واهداء القصف المستعمر الفرنسي في سابع غشت 1907 وقراءة الفاحة ترحما على أرواحهم الطاهرة.
وختمت الجولة بحفل شاي على شرف المشاركين في احياء الذكرى بمقهى صقالة التاريخية.