باستقباله لما يزيد عن 1500 حالة في أقل من سنة واحدة، يكون “المركز الاجتماعي لاستقبال وتوجيه الأشخاص في وضعية صعبة” بالدار البيضاء، قد تجاوز بشكل كبير كل التوقعات والأهداف المسطرة. وفي هذا الصدد فقد تضاعف العدد ثلاث مرات عما كان مراهن عليه عند إحداث هذا المركز في شهر أبريل من السنة الفارطة بحي مولاي عبد الله التابع للنفوذ الترابي لعمالة مقاطعة عين الشق. هذا الإقبال المتزايد يوما بعد يوم يؤكد بشكل جلي مدى أهمية وتنوع الخدمات التي يقدمها المركز لمرتاديه من مختلف الأعمار والأجناس والفئات الهشة، وذلك بمبادرة من “جمعية إبداع للشباب والتنمية” (الجهة المشرفة على المركز)، وبتنسيق وتعاون مع مجموعة من الشركاء والمتدخلين وفي طليعتهم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى عمالة مقاطعة عين الشق.
ففي جولة استطلاعية لمرافق هذا المركز، أكد خلاد عبد الوهاب رئيس الجمعية في تصريح اعلامي أن المركز المكون من 4 طوابق (تحت أرضي وأرضي وطابقين) يقدم سلسلة من الأنشطة والخدمات الطبية والسوسيو اقتصادية، فضلا عن جملة من الأنشطة الموازية.
ويتعلق الأمر أساسا بفضاءات للاستماع والمرافقة النفسية والطب العام وصحة الفم والأسنان وفحص العيون والترويض الطبي، فضلا عن المهارات الحياتية وفن الطباعة والتجارة الإلكترونية والتكوين المسرحي وتعلم اللغات الحية ومهن التلفزة والسينما، وذلك إلى جانب أنشطة تخص التأهيل البدني والرياضي والفن التشكيلي والتحسيس والتوعية.
وأبرز أن المركز يتوخى من وراء إحداثه العمل على تأهيل الشباب على الخصوص، والرفع من مستوى أدائهم السوسيو اقتصادي من أجل تمكينهم من تحقيق الاندماج الاجتماعي الفعال بسلاسة، وكذا مساعدتهم على خلق فرص حقيقية من شأنها أن تغير مسارهم على النحو الأفضل، وذلك بشكل يسمح لهم بالانخراط بنجاعة وفعالية في المسار التنموي الذي تنخرط فيه المملكة.
ومن السبل المعتمدة في هذا الشأن، هناك الدعم المدرسي والنفسي ودورات التكوين التي تنسجم مع المستوى التعليمي و المؤهلات المعرفية للمستفيدين، بما يتوافق مع أهداف ومرامي الجمعية التي رأت النور في 2007، إذ كانت الغاية من إحداثها تتمثل أساسا في تنمية روح الابتكار والإبداع لدى الشباب وبرمجة مشاريع تنموية وإشاعة قيم الاختلاف والتعايش والتسامح.
ومن أبرز مشاريعها مكتبة متنقلة بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي تنحو في سنتها الثالثة إلى التشجيع على القراءة بالمؤسسات التعليمية والفضاءات العمومية بالنفوذ الترابي لعمالة عين الشق.
ومن جهتها، أشارت صفاء الحامدي الأخصائية في علم النفس العصبي المعرفي في تصريح مماثل إلى أنها تقوم بالاستماع للوافدين الجدد في مقابلات خاصة من أجل توجيههم وتحديد نوعية التدخل حسب الحالات.
وعلى ضوء حصيلة هذا التشخيص، الذي يستهدف أساسا الفئات المتراوحة أعمارها ما بين 15 و45 سنة، مع استثناءات في صفوف الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، يتم اعتماد أحد ثلاث بروتوكولات علاجية أولها يخص” المصاحبة والتتبع لحالات الإدمان والاضطرابات النفسية (السلوكية والانفعالية)”، والثاني يتعلق ب”التأهيل المهني والإدماج السوسيو اقتصادي حسب التكوينات المعتمدة وقابلية الحالة”، أما البروتوكول الثالث فيعتمد على ممارسة الأنشطة الموازية والرياضة والمهارات الحياتية.
وفي حالة غياب بعض التخصصات على مستوى المركز، يتم توجيه المستفيدين إلى مراكز ومركبات أخرى تابعة لتراب العمالة المذكورة والتي تعمل في تكامل وتآزر فيما بينها، واضعة المواطن في صلب اهتماماتها، ومن بينها منصة الشباب عين الشق، مؤسسات التعاون الوطني والصحة والتعليم.
من جانبها، قالت هند حنين رئيسة قسم العمل الاجتماعي بعمالة مقاطعة عين الشق إن هذا المركز المرجعي يندرج في إطار سلسلة من المشاريع المبرمجة في المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مراعاة في ذلك وضعية الأشخاص الذين في حالات صعبة وذويهم.
وأضافت أن هذا المشروع هو ثمرة شراكة أتت تفعيلا لمرامي وأهداف البرنامج المندمج لتنمية الدار البيضاء الكبرى، حيث يحتوي على مجموعة من الفضاءات التي تم تسخيرها لتقوية قدرات الشباب على الخصوص ومؤهلاتهم الذاتية، وذلك عبر آليات الاستماع والتوجيه والمواكبة وحتى التطبيب مع ممارسة الأنشطة ذات البعد الثقافي والفني والرياضي.
وأشارت إلى أن الكلفة الإجمالية لهذا المشروع حددت في 6 ملايين درهم، ساهمت فيها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمليون درهم للتجهيز، إلى جانب مختلف أشكال الدعم المقدمة من باقي الشركاء الفاعلين في قطاعات ذات الصلة بالتعليم والصحة والشباب والثقافة والتواصل.
