عاش المغرب من شماله الى صحرائه، عرساً كروياً كبيراً في كأس العالم الذي تحتضنه دولة قطر، و هو العرس الذي احتفى به المغاربة بعفوية كبيرة، و أظهروا فيه انتمائهم و حبهم لهذا الوطن العريق، إسمه المغرب.
المغاربة كانوا في حاجة للحظة فرح حقيقية، للحظة ترسم على وجوههم الابتسامة التي كانت متعبة من الكوفيد و ارتفاع الأسعار و الأزمة الاقتصادية العالمية التي ارتدت على المواطن، و هي اللحظة التي صنعها الفريق الوطني لكرة القدم بقيادة الناخب الوطني وليد الركراكي الذي استحضر رفقة لاعبيه حجم المسؤولية الملقاة عليه و فهم حاجة المغاربة لأن يسعدوا و يفرحوا و يعزفون النشيد الوطني بحب، فكان بحق هو و جل الفريق الوطني على قدر كبير من المسؤولية الوطنية.
كرة القدم لم تعد فقط تلك اللعبة التي تحضى بشعبية كبيرة في أوساط الشعوب، بل أصبحت اليوم تقاس من خلالها قوة الدول و الشعوب من خلال ما يتم تحقيقه من نتائج كروية، و أصبحت كذلك تعبير عن حالة سياسية و وطنية قد تعيشها الدول، و هو ما حصل مع المغرب في الانتصارات التي حققها في الدور الأول و تأهله للدور 16، بحيث تقاطر على المغرب رسائل تهنئة من مختلف القادة العرب و السفارات الأجنبية و الاتحاد الأوروبي و أصدقاء المغرب من مسؤولي العديد من المنظمات القارية، و هي كلها تهنئات تعكس حضور المغرب الدولي و الدبلوماسي في المنطقة فظهر الجانب الآخر من الدبلوماسية المغربية الكروية، و عكست قيمة المغرب إقليميا و دوليا و عززت من هذا الحضور الدولي و الإقليمي حتى بات هناك من يقول امام حجم التهنئات التي وصلته من الدول العربية أن ما فشلت فيه القمة الجزائرية نجح فيه المنتخب الوطني، ولم شمل العرب شعبيا و رسميا.
الفرحة لم تكن فقط مقتصرة على هذا أو ذاك، بل كانت مناسبة ليظهر للعالم حجم الشعور الوطني الكبير الموجود لدى الساكنة الصحراوية بالأقاليم الجنوبية، من الداخلة و العيون و بوجدور و السمارة… و غيرها من المناطق التي خرجت ساكنتها عن بكرة أبيها، لتحية المنتخب الوطني و لترديد النشيد الوطني و رفعت الاعلام الوطنية، فكانت رسالة وطنية و سياسية بطعم كروي خالص، رسالة للجميع أن هذه الساكنة هي جزء أصيل من هذا الشعب، و أنها منخرطة في التعبير عن فرحها، و سعادتها بتأهل المنتخب الوطني المغربي كتلك الجماهير التي خرجت في الرباط، طنجة، شفشاون، ووجدة…. هي لحظة لم تكن فقط كروية بل كانت وطنية.
الفرحة بالتأهل كانت لحظة رأينا فيها أبناء هذا الشعب متلاحمين و يشجعون بحب فريقنا الوطني، من العامل البسيط، إلى الأستاذ، إلى حراس الأمن ببلادنا ” عبد اللطيف الحموشي/ياسين المنصوري” إلى الحارس على الدبلوماسية المغربية ” ناصر بوريطة” و اكيد أن هذه الفرحة كانت ممتدة لمختلف المستويات و هي لحظة أظهرت معدناً آخر من معدن هؤلاء الرجال، معدن الفرحة بشكل طفولي و عفوي و في لحظة تعبير عن حب الوطن بشكل صادق، و هي اللحظة التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، و شهدت تفاعلا كبيرا من طرف المغاربة، و إشادة بأصحابها، وأن تأكد أنهم يشبهوننا…. مثلنا يفرحون لفوز المنتخب، ويبتهجون في الملاعب، ويشجعون….!!
الفرحة التي صنعها المنتخب الوطني هي بحجم هذا الوطن، و كيفما كانت نتيجة المقابلة التي ستجمعنا مع اسبانيا، و التي نتمناها أن تكون انتصاراً للفريق الوطني لأن له كل المؤهلات للفوز فإننا سنحتفي بوليد و وليداتو و سننشد معهم ” نشهد الدنيا… أن هنا نحيا…
بشعار.. الله، الوطن، الملك”.