انكب خبراء قانونيون، مغاربة وأجانب، اليوم الثلاثاء بالرباط، على بحث سبل إيجاد الحلول الكفيلة بملاءمة منظومات العدالة مع التحولات التي تعرفها المجتمعات.
وشددوا خلال الدورة الحادية عشرة لاتفاقية خبراء القانون في دول حوض المتوسط، على أن تحديث المنظومات القضائية وتطويرها يواجه تحديات جمة في ظل التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي والانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، داعين إلى ضرورة تعزيز التعاون بين الفاعلين القانونيين وتحديث الأدوات القانونية لاسيما في مجال المنازعات.
وفي كلمة بالمناسبة، أكدت مديرة الشؤون المدنية والختم بوزارة العدل الفرنسية، فاليري دلنو، أن تطوير منظومة العدالة يشكل تحديا كبيرا، داعية إلى ملاءمتها مع انتظارات المواطنين والمقاولات.
وشددت ديلنو على أن الثقة في العدالة تعد عاملا حاسما في ضمان السلم الاجتماعي، وأيضا في حماية الأمن القانوني والجاذبية الاقتصادية للدول.
وسلطت المسؤولة الفرنسية الضوء على الدور الأساسي الذي تضطلع به العقود كأداة للاستباقية والوقاية من المنازعات، من خلال تفعيل آليات الحل والوساطة والتحكيم، التي تتيح للأطراف تنظيم صيغ حل منازعاتهم مسبقا، مبرزة أن هذا النمط التنظيمي المشترك يسهم في بناء مناخ من الثقة وتعزيز فعالية العدالة.
من جانبها، أبرزت قاضية الاتصال لدى السفارة الفرنسية بالمغرب، إيمانويل روبنسون، غنى وفعالية التعاون القانوني والقضائي بين المملكة المغربية وفرنسا، الذي يعد ثمرة تاريخ مشترك وحوار مستمر بين مهنيي القانون في البلدين.
وأشارت روبنسون إلى أن العدالة تشكل قطاعا رئيسيا في هذه الشراكة الاستثنائية، المبنية على تبادلات دينامية تتميز بثقة متبادلة بين القضاة والمحامين والموثقين وكتاب الضبط والمفوضين القضائيين من البلدين.
ودعت القاضية الفرنسية إلى مواصلة وتعزيز هذا الحوار المنظم، عبر بروتوكولات تعاون ولقاءات من قبيل هذا المؤتمر، الذي اعتبرته تجسيدا قويا لحيوية العلاقات الفرنسية-المغربية في المجال القانوني.
أما رئيس المجلس الأعلى للتوثيق بفرنسا، برتراند سافوريه، فأكد على أهمية هذا اللقاء الدولي الذي يجمع خبراء القانون من ضفتي المتوسط، للتبادل وتقاسم الخبرات والتجارب ذات الصلة.
وأشار إلى أن مثل هذه اللقاءات تتيح إثراء التفكير الجماعي حول تطوير مهن القضاء، بالاعتماد على أسس قانونية موثقة ومستبقة تكفل ضمان الأمن القانوني.
وأكد سافوريه على ضرورة تكييف عرض العدالة مع التحولات العميقة التي تشهدها المجتمعات، لاسيما في عصر الرقمنة وتنامي تنقلات المواطنين، داعيا إلى تعزيز التعاون بين مهنيي القضاء بدول المتوسط وتبادل الخبرات ذات الصلة بما يصب في مصلحة المتقاضين.
يشار إلى أن الدورة 11 لاتفاقية خبراء القانون في دول حوض المتوسط، التي تنظمها مؤسسة القانون القاري بشراكة مع وزارة العدل والسفارة الفرنسية بالمغرب، حول موضوع “عرض العدالة الملائم لتلبية احتياجات المواطنين والمقاولات”، تشكل منصة إقليمية للحوار القانوني بين خبراء وقضاة وأكاديميين من ضفتي المتوسط لبلورة حلول مبتكرة تروم إرساء عدالة أكثر سلاسة وفعالية.
وتبحث هذه الدورة عدة محاور، من قبيل تطور مكانة العقود في العلاقات القانونية، ودور الفاعلين القانونيين في الوسائل البديلة لحل النزاعات، والشركات والمسؤولية: نحو بناء إجابة قانونية للتحديات المستدامة والأخلاقية والتأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي على الممارسات القانونية.