أضف النص الخاص بالعنوان هنا

 اليوم الوطني للمرأة المغربية وطموحاتها هل اليوم أشبه بالبارحة ؟  

 اليوم الوطني للمرأة المغربية وطموحاتها هل اليوم أشبه بالبارحة ؟  

بوشرة عبدو ، فاعلة مدنية وحقوقية، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة.

ما أشبه اليوم بالأمس، فما نعيشه الآن يذكرنا بما عاشه المجتمع المغربي قبل عقدين من الزمان، والمغاربة يستعدون لاستقبال قانون الأسرة الجديد والشعب المغربي قاطبة معبأ للنقاش حول مضمون التعديلات الجديدة، تعديلات أريد لها أن تكون مشوهة وناقصة، ولا ترقى لطموحات وانتظارات النساء المغربيات. لكن انطلاقا من إيماننا بحركية التاريخ، وبأهمية الخطوة الأولى في تحريك الجمود الفكري والعقائدي، اخترنا مناصرة تلك التعديلات على علتها، بل الانخراط في التعبئة العامة من أجل التعريف بها والتحسيس والتوعية بأهميتها، وذلك من باب تحصين المكاسب حتى يأتي الله بالمزيد.

واليوم يبدو أن الله يحب أمتنا ولا سيما نساءها، ولم يشأ ان يبقيهن منتظرات أكثر من ذلك، فأنعم علينا بفرصة  تاريخية ثانية نتمنى أن يستغلها المغاربة قاطبة من أجل إصدار قانون للأسرة المغربية يعكس التاريخ الحضاري لبلادنا ويكون مرآة لتطور الحياة المدنية للمغاربة، يحترم الإنسان بغض النظر عن أصله، جنسه أو لونه، أو دينه، أو لغته، أو أي وضع آخر.

لقد فوت المغاربة فرصة كبيرة قبل عقدين من الزمان لكننا الآن أمام فرصة جديدة وفي رصيدنا تراكم معرفي وخلاصة تجربة إنسانية غنية، بإمكانها، إذا ما تحلينا بقسط من الموضوعية، وحد أدنى من الإرادة الحقيقية في وضع حد  لمعاناة جزء كبير من المغاربة، أن نعالج كل النواقص والاختلالات وأن نخرج قانونا للأسرة متماسكا وقويا ….

لقد نجحت الحركة النسائية مرة أخرى في فرض قضية المرأة على طاولة البحث والدراسة، وجعلها القضية المجتمعية الأولى إن كان من خلال مئات مراكز الاستماع المنتصبة على طول التراب الوطني والتي تقف عن قرب على معاناة النساء المغربيات والتي لم تدخر أدنى جهد في تعريتها وإماطة اللثام عنها، أو ومن خلال المرافعات التي تخوضها إن على المستوى الوطني او الأممي عبر تقاريرها الدورية والموازية.

جهد واكبته المؤسسات الوطنية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمندوبية السامية للتخطيط بل وحتى بعض القطاعات الحكومية كالنيابة العامة، وزارة العدل ووزارة المرأة والتضامن… كلها جهات أقرت بما تعيشه النساء المغربيات من وضع مزري و أوصت بضرورة معالجته على وجه الاستعجال، بل منها من ربط أي نجاح لأي مجهود  في تحقيق التنمية المستدامة بضرورة معالجة هذه الاختلالات.

وهاهو اليوم أعلى هرم السلطة في المغرب، ينظم إلى المجموعة المنادية بضرورة التغيير، منهيا بذلك مسلسل التكهنات لمدى توفر الإرادة السياسية من أجل التغيير، والتي تتحول في غالب الأحيان إلى عذر لعدم التحرك، وواضعا الكرة في مرمى الحكومة، الأحزاب السياسية والمؤسسة التشريعية الوطنية، خاصة وأن الطريقة التي تم بها إصدار مدونة الأسرة الحالية من خلال إحالتها على مجلسي البرلمان للنظر فيها، والتي اعتُبِرت إيذانا بإدماج مجـال المدونـة ضمـن مجالات القانـون الوضعـي الـذي ينـدرج فـي إطـار اختصاصـات مؤسسـات الدولـة الحديثـة، بعد أن ظلت لوقت طويل تقع ضمن مجال اختصاص إمارة المؤمنين.

خلاصة القول فكل مكونات تغيير حقيقي وفعال متوفرة: أزمة حقيقية خلقها الوضع القانوني الحالي، تشخيص دقيق للمشاكل ينم عن معرفة عميقة بالمشاكل، قوة اقتراحية منسجمة ومتفقة إلى حد كبير حول أولويات المرحلة، مقترحات حلول واقعية وعملية، إرادة سياسية لأعلى دوائر القرار المغربي، إجماع المؤسسات الوطنية على ضرورة وأهمية التغيير، متطلبات احترام القانون الأسمى للبلاد، بالإضافة إلى ملحاحية وفاء المغرب بالتزاماته الدولية، و إمكانيات الفعل التي وفرتها التجربة السابقة للبرلمان والحكومة.

وعلى جميع فعاليات المجتمع المدني والسياسي المغربيين لاسيما تلك التي خبرت عن قرب معاناة ومشاكل النساء المغربيات، بضرورة التحلي بروح المسؤولية حتى لا تتم إضاعة هذه الفرصة التاريخية للنهوض بأوضاع المرأة المغربية ، والمساهمة الجماعية والفاعلة في إنتاج مدونة تعبر عن رقي المجتمع المغربي وتخدم مصالح النساء وعموم أفراد الأسرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

فيديو