أضف النص الخاص بالعنوان هنا

الباحث عبد الحي مودن يسبر أغوار تعقيدات العلاقة بين اللغة والترجمة والإيديولوجيا

الباحث عبد الحي مودن يسبر أغوار تعقيدات العلاقة بين اللغة والترجمة والإيديولوجيا

سبر الباحث عبد الحي مودن أغوار تعقيدات العلاقة بين اللغة والترجمة والإيديولوجيا في علاقتها بالسياسة، وذلك خلال محاضرة نظمت مساء أمس الجمعة بالمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب بالرباط، بحضور ثلة من الأكاديميين والمثقفين.

وسلط الباحث خلال هذه المحاضرة، التي نظمتها الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة التابعة لأكاديمية المملكة المغربية حول موضوع “اللغة والإيديولوجيا والترجمة.. حينما تكتب السياسة بلغة أخرى”، الضوء على ماهية اللغة باعتبارها أداة لتشكيل التصورات والخطابات، مبرزا مختلف التحولات التي تتعرض لها عندما تنتقل من نسقها الأصلي إلى لغة أخرى في إطار الترجمة.

وبعدما أشار إلى أنه لا توجد أي لغة مكتوبة تشكل مرآة تعكس حقيقة السياسة الممارسة، وفي غياب وجود تعريف موحد للسياسة نظرا لكونه يخضع لسلالات ذات طبيعة نظرية وإيدلولوجية، أوضح مودن أن فهم السياسة لا يقتصر على قراءة النصوص، بل يتطلب تحليل السياقات التاريخية والفكرية، وفهم المعاني الكامنة وراء الخطاب السياسي.

ولهذه الغاية، قدم الباحث مقارنة بين دور المترجم في العلوم الاجتماعية وبين العلوم الطبيعية، مسجلا أن نصوص العلوم الاجتماعية والمعرفة السياسية تحمل المترجم مسؤولية استنباط المعاني وفك أسرار خيال لغة الإبداع ومن ثم كتابتها بلغة تضاهيه دون إغفال السياق، بينما تشكل اللغة في حقل العلوم الطبيعية وعاء للمعرفة وأداة لإيصالها للمتلقي ولا تترك للقارئ إلا حرية مقيدة للتأويل.

وأبرز أن “الترجمة تتجاوز كونها عملية تقنية بحتة لتصبح فعلا مؤدلجا يحمل في طياته إمكانات التأويل وإعادة الصياغة التي قد تؤدي إلى تحويل مضمون الخطاب السياسي أو إعادة تشكيله بما يخدم سياقات جديدة”، مشيرا إلى أن الترجمة تمارس سلطتها على النص الأصلي لتعيد إنتاجه بما يتناسب مع الأهداف الثقافية والسياسية للبيئة المستقبلة.

ولم يفت الباحث التطرق إلى السياق التاريخي والإيديولوجي في العالم للترجمة في علاقتها بالسياسة، مبرزا تأثيرات ذلك على إنتاج المعرفة السياسية، “إذ إن السياسة ليست مجرد ممارسة، بل معرفة متعددة الأبعاد تتداخل فيها النظرية والتطبيق، والسلوك الفردي والمؤسساتي، والتاريخ والفكر”.

وفي معرض حديثه عن وسائل التواصل الاجتماعي، سلط السيد مودن الضوء على أثر المنصات الرقمية في تشكيل الخطاب السياسي، “حيث أضحت ساحة لتداول المعارف السياسية وإعادة صياغة المصطلحات ونقل الرسائل المباشرة أو المشفرة”، لافتا إلى أن “إبراز المشاعر المختلفة مثل الغضب والخوف والتعاطف والتضامن والإخلاص أصبح يحتل موقعا بارزا في لغة المعرفة السياسية بعد أن كانت هامشية في مقاربات بنيوية وعقلانية”.

وشدد المحاضر على أهمية مراعاة فهم السياقات الثقافية المختلفة، مشيرا إلى أن دراسة السياسة عبر اللغة والترجمة أضحى ضرورة لفهم التحولات المعاصرة وتحليلها بعمق، مع الحفاظ على القدرة على الربط بين الفعل السياسي والمعرفة النظرية عبر أدوات منهجية دقيقة.

من جهته، سلط منسق الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة، عبد الفتاح لحجمري، الضوء على أهمية التطرق إلى هذا الموضوع، مبرزا أن “انتقال النص اللغوي من نظام إلى آخر يحدث زلزالا يعيد تشكيل العلاقات والمعاني”.

وأشار لحجمري، في هذا الصدد، إلى أن “الإيديولوجيا تحاول، عبر مصطلحاتها وقواميسها اللغوية، أن تقدم حدود ما يقال وما لا يقال”.

جدير بالذكر أن عبد الحي مودن حصل على الإجازة في الحقوق من كلية الحقوق بالرباط وعلى الماستر في العلوم السياسية من جامعة ويست فلوريدا، وعلى الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ميتشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية.

وقد عمل كأستاذ جامعي بالمغرب والولايات المتحدة، ويعمل حاليا أستاذا للعلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الحقوق بالرباط. كما أصدر عبد الحي المودن، الذي سبق له أن حاضر في العديد من الجامعات الأمريكية، مقالات ودراسات حول الثقافة والفكر والاقتصاد السياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

أحدث المقالات

فيديو