احتضنت غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الدارالبيضاء سطات، أول أمس الجمعة، ندوة فكرية حول موضوع كيف يمكن للشباب المساهمة في مغرب 2030، من تنظيم جمعية الائتلاف الوطني للمناصفة،وافتتحت الندوة بتلاوة ايات بنيات من الذكر الحكيم وعزف النشيد الوطني، وقد تميزت بالحضور الكثيف للشباب وحضور نخبة من الفاعلين السياسيين والأكاديميين والإعلاميين وممثلي المجتمع المدني، وتوجت بإصدار “إعلان الدار البيضاء”، الداعي إلى توحيد الجهود بين الدولة والمجتمع المدني من أجل مغرب أكثر عدلاً وإنصافاً وابتكاراً، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تعبئة الطاقات الوطنية وترسيخ ثقافة النتائج والفعالية.


وفي كلمة له بالمناسبة أكد إبراهيم بن زوينة، رئيس لجنة الشراكة والتعاون الدولي، في على أن الاستثمار في قدرات الشباب المغربي هو استثمار في مستقبل الوطن، مشدداً على ضرورة إشراكهم في صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق نمو مستدام وعدالة مجالية.
كما أكد بن زوينة أن الغرفة الجهوية تعمل، في هذا الإطار، على دعم المبادرات الموجهة للشباب المقاول وخلق جسور تعاون مع الفاعلين الجمعويين والمؤسساتيين لتعزيز روح المبادرة والابتكار لدى الشباب.
ووصفت خديحة المنفلوطي، رئيسة جمعية الائتلاف الوطني للمناصفة ان سؤال ” كيف يمكن للشباب المساهمة في بناء مغرب ما بعد “2030 بأنه سؤال وطني بامتياز، سؤال استراتيجي يتجاوز حدود اللحظة السياسية أو الزمن الحكومي، ليعانق الأفق البعيد الذي رسم ملامحه الملك محمد السادس، في خطابيه الأخيرين: خطاب العرش والخطاب الملكي السامي أمام البرلمان، فكلا الخطابين لا يمكن قراءتهما بمعزل عن بعضهما؛ إنهما نصّان متكاملان يحددان بوضوح ملامح المرحلة المقبلة، مرحلة المغرب الصاعد، العادل، والمندمج مجاليًا واجتماعيًا.

وأوضحت المنفلوطي في مداخلتها على أن الملك محمد الساس قد دعا في خطاب العرش إلى إحداث نقلة حقيقية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، والانتقال من المقاربات الاجتماعية التقليدية إلى مقاربة مجالية مندمجة، تُعيد ترتيب الأولويات وتوحّد الجهود حول مشاريع ذات أثر ملموس على المواطن، وفي خطابه أمام البرلمان، عمّق جلالته هذا التوجه بدعوة صريحة إلى تسريع الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية، مع التركيز على العدالة الاجتماعية والمجالية، وفعالية الاستثمار العمومي، ومكافحة الهدر في الجهد والزمن والموارد.
وأضافت المنفلوطي في ذات المداخلة “إن ما نلمسه من خلال هذين الخطابين هو أن المغرب يدخل مرحلة جديدة من تاريخه التنموي، قائمة على ثقافة النتائج بدل ثقافة الخطط، وعلى تعبئة الطاقات بدل انتظار الحلول من المركز، وعلى المسؤولية المشتركة بين الدولة والمجتمع، حيث لا أحد يمكنه البقاء على الهامش، وفي هذا السياق، تصبح فئة الشباب ليست فقط مستفيدة من التنمية، بل شريكة في صناعتها، وفاعلة في قيادتها، ومسؤولة عن استدامتها”.
من جهته قال مصطفى صغيري، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، باحث في الاقتصاد الجديد والتنمية، فاعل جمعوي وحقوقي، في مداخلة له حملت عنوان “الشباب المغربي ومغرب ما بعد 2030: من الوعي بالتحول إلى المساهمة في البناء” إن عنوان هذه الندوة يطرح سؤالا بالغ الأهمية من الناحية الفكرية والسياسية في آنٍ واحد:كيف يمكن للشباب المساهمة في بناء مغرب ما بعد 2030؟، إنه سؤال لا يهدف إلى البحث عن إجابات جاهزة بقدر ما يسعى إلى تفكيك نسقٍ من التحولات التي يعيشها المغرب في علاقته بالجيل الجديد،جيل يختلف في تمثلاته ورؤاه وتطلعاته عن الأجيال السابقة،جيل يعيش على إيقاع الرقمنة والتعبير الفوري،لكنه في الآن ذاته يحمل في داخله طاقة كامنة قادرة على تجديد المشروع الوطني المغربي إذا أُحسن توجيهها.
ولذلك، يضيف مصطفى الصغير “فإن هذا النقاش لا يندرج في خانة الحوار الأكاديمي البارد،بل يندرج ضمن نقاش وطني يتقاطع فيه الاجتماعي بالسياسي، والتربوي بالاقتصادي، والثقافي بالقيمي،لأن بناء مغرب المستقبل لن يتحقق إلا بوعي جماعي بمسؤولية الأجيال القادمة،وبقدرتنا على ترجمة هذا الوعي إلى سياسات عمومية دامجة وإنصافية”.


ودعا الصغيري في مداخلته إلى تبني عقد وطني جديد مع الشباب وقال ” أرى أن المغرب مدعو اليوم إلى إعادة صياغة عقد وطني جديد مع شبابه،
عقد يقوم على ثلاثة مبادئ أساسية:
1. الثقة المتبادلة: بين الدولة والمجتمع، بين المؤسسات والشباب، على أساس المشاركة والمساءلة.
2. التمكين الشامل: عبر التعليم النوعي، والتكوين المستمر، والولوج العادل إلى الموارد والمناصب.
3. الاعتراف الثقافي والسياسي: بالجيل الجديد كقوة اقتراحية ومجتمعية وليس كموضوع إداري أو اجتماعي.
وهذا العقد لا يمكن أن يُبنى إلا على مصالحة شاملة بين الخطاب العمومي والممارسة اليومية،
بين الرؤية الاستراتيجية والمواطنة الفعلية.